موقفكم وتقييمكم كحزب مما يجري في الساحة السياسة ومآلات الأحداث؟
< تقييمي يبتدئ من توصيف ما هو حادث وما حدث في الحادي عشر من ابريل، ان ما حدث انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية تضافرت فيه عوامل عدة وتلاقت فيه أشواق جزء منها شباب من الذين لا ينتمون سياسيا لاي حزب ويمثلون سواد الشعب السوداني وخضعوا للفعل التاريخي الثائر وتلاقت فيه أشواق قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين الذي أعد الجدول وحدد المكان وأصبح مطية للأجهزة الامنية بقيادة صلاح قوش التي استدرجته للقيادة العامة ليصبح تمومة كما يقال، وتلاقت فيه اشواق القوات المسلحة والاجهزة الامنية التي كونها البشير برئاسة ابن عوف كما تلاقت فيه أشواق المؤتمر الشعبي الذي كان يهمه زوال نظام البشير وان يأتي نظام جديد يتيح مجالا اكبر للحريات يستأنف دورة جديدة للتيار الاسلامي السوداني في التاريخ , أعتقد ان اللجنة الأمنية استطاعت ان توضب جملة الحدث لتمثيله على البشير لإقناعه بالتنحي واستلامها للأمر وهي بالطبع من ذات الجزء العقائدي والفكري الذي جاء منه البشير في 89 وهي حكومة الأمر الواقع التي تسيطر الآن على مقاليد الامر في البلاد ,اي توصيف لما حدث في الحادي عشر من ابريل بانه ثورة شعبية هو توصيف غير دقيق تترتب عليه آثار سياسية .
إعلان قوى الحرية والتغيير تصورت الأمر ثورة وقدرت ان هذه الفرصة التاريخية للانقضاض عليها كما انقضت جبهة القيادة على الثورة البلشفية في 1917 وأحالتها للاتحاد السوفيتي العظيم وحكم النخبة الشيوعية بهذا التوصيف الخطأ أسرفت قوى الحرية والتغيير بقيادة الحزب الشيوعي في تقدير الوقائع فتعاملت بعاطفة وأحاسيس دون الحكمة وظنت أنها فرصة سانحة ينبغي ان تختزل من اجل القفز على التاريخ وعلي الوقائع لامتطاء ما ظنته ثورة وتشكيل وقائع المستقبل الجديد ولذلك أخطأت وبدأت قوة تفتقر للرجاحة والحكمة والعقل وبدأت مترنحة في مواقفها السياسية لتصورها الخاطئ ,مما أفضى للنتائج المحبطة وان ماحدث انقلاب وان الدولة العميقة ما زالت موجودة وان المجلس العسكري لن يسلمهم السلطة وان قوات الدعم السريع تدرك انهم أعداؤها وان بقية القوى المقاتلة للدعم السريع موجودة في نداء السودان وفي قوى الحرية وبالتالي اصطدموا بالواقع وبدوا كالذي يناطح صخرا، وهذا ما كنا ننبه إليه منذ الأول وما أشار اليه علي الحاج الى ان هذا انقلاب والتاريخ يشهد على ذلك ونحن حريصون دائما للتوثيق لو علينا من خلال المؤتمرات والبيانات .
> متى تنبهتم في المؤتمر الشعبي لما اسميتموه انقلاباً ؟
< نحن نستقرئ الواقع صحيحا ونخرج منه للنتائج والأحكام وقد وثقنا لذلك في مؤتمر الامين العام والآن تبين انه انقلاب وليس ثورة ولذلك ظللنا نطالب هذه القوى بان نجلس سويا ونوحد الخطى من اجل الضغط على المجلس العسكري حتى يقيم حريات حقيقية وانتخابات نزيهة تؤدي الى وضع ديمقراطي، ولذلك فان المشهد الآن بين توازن نفسي وعقلي كبير للتيار الاسلامي وبين إحباط وترنح للتيار العلماني العريض وفي ذات الوقت المفاجأة الداوية التي اغتالت أحلامهم وحجبت أوهامهم. كانوا يظنوننا ندافع عن وجودنا فحسب ولكننا نقدر الأشياء ونلخص الوقائع كما هي .
> نعود للمشهد السياسي الحالي؟
< المشهد السياسي الحالي يؤكد ان المجلس العسكري ينفذ رغبته وان الحرية والتغيير إما ان تقبل بشراكة حقيقية مع الآخرين دون إقصاء لانها لا تستطيع ذلك, المفردة الوحيدة في الساحة السياسية التي تستطيع ان تقصي او تقرب هي المجلس العسكري والتيار الإسلامي العريض .
> كلامك هذا يعضد قولها بأنها لم تقص وأنتم تتهمونها بالإقصاء ؟
< هي أرادت وعملت من اجل تنفيذ الاقصاء ولكنها فشلت .الآن اذا رضيت سترضى بمائة ممثل في المجلس التشريعي ومائة لبقية التيارات السياسية ومائة للحركات المسلحة وسترضى بمجلس سيادي عسكري كامل الدسم يتحكم في مقاليد البلاد وسترضى بمجلس وزراء من كفاءات وخبرات من غير ذوي الانتماء السياسي.
> من أين لك بهذه التنبؤات والتوقعات وقوى الحرية تصر على ما اتفق عليه أولا من 67% ومجلس تنفيذي وغيرها مما اتفق عليه في الجولة السابقة ولديهم آلياتهم ووسائل ضغطهم لتحقيق هذه المطلوبات ؟
< الـ 67% لم تكن بإرادة المجلس العسكري بقدر ما كانت ارادة ياسر العطا الذي غادر الآن بسببها في تقديري وان المعادلة الآن هي معادلة جديدة والناطق الرسمي لم يثبتها في المؤتمر الصحفي وانما ذكرها ضمنا دون تفصيل وهذا ما يؤكد ان الأمر تغير الى مائة لكل وفي نفس الوقت تصريحات حميدتي واضحة انهم لن يمكنوا أناساً يريدون تصفية خلافات سياسية ولو افترضنا جدلا أن هذه القسمة الضيزي قد اجيزت فان اختصاصات المجلس الانتقالي تتعلق فقط بقوانين الانتقال التي تهيء الملعب السياسي لنظم الحرية والانتخابات العامة كذلك احتفظ الانتقالي بالتصديق على القوانين ولا يجيزه البرلمان فقط والعسكري ليس محسوبا على قوى الحرية والتغيير.
> هذا يمثل إحباطاً لكل القوى السياسية ؟
< نحن نفتكر انه ينبغي لقوى الحرية ان تعي الدرس وتنزل من كبريائها وعليائها المتوهم الممعن في الخيال لتجلس معنا من أجل صياغة برنامج حد ادنى وقاسم مشترك أعظم لحمته وسداه الحرية لنا ولسوانا والتحول الديمقراطي كذلك حقوق الإنسان والانتخابات النزيهة العادلة كذلك لنا ولسوانا والملعب السياسي الانتقالي لنا ولسوانا للضغط على المجلس العسكري بإقرار الديمقراطية.
> ترى إذن أنه لابد من توحد القوى السياسية ضد المجلس العسكري ؟
< نعم توحدها من أجل الضغط على المجلس العسكري للتحول الديمقراطي العادل النزيه ونريد منهم ان يفهموا ان هذه مرحلة انتقالية لا انتقامية وان يفعلوا العقل.
> لكن السياسة لعبة قذرة وتستوجب التحايل واللعب على الآخر ؟
<السياسة لغة توصيف الشيء بما يصلحه لو تحركت بغرائزك ستهدم المعبد على من فيه، ولو تحركت بالعقل ستصون المعبد للجميع فلابد من صون الحريات لنا ولسوانا..
> هناك من يرى أنكم تتحدثون عن الإقصاء الذي تمارسه كما تقولون قوى الحرية والتغيير وأنتم كإسلاميين من بدأتم هذا الإقصاء تجاه القوى الأخرى خاصة في عشرية الإنقاذ الأولى وهي أكثر الفترات شراسة ؟
<اذا افترضنا جدلاً أن هذا قد حدث هل هذا صحيح؟
واذا أمنا على انه خطأ هل تنهى عن خلق وتأتي مثله اذن في النهاية الايمان قيمة مطلقة لا تتجزأ والحرية لا تتجزأ مالم ترضاه لنفسك يجب أن تأباه للآخرين . نحن اعتبرنا بالتجربة ودفعنا الثمن غالياً.
المصدر : اخبار السودان