(أين المخلوع؟)
الخرطوم- محمد عبد الباقي
اليوم يبدأ الأسبوع الثالث على سقوط المخلوع عمر البشير وحتى هذه اللحظة لم تنشر صورة أو مُقابلة له من داخل سجن كوبر العتيق لتؤكد وجوده بين جدرانه، سوى الخبر الذي نشرته (اليوم التالي) أمس (الخميس) وجاء فيه أن السلطات نقلت الرئيس المخلوع، إلى مقر اعتقاله بسجن كوبر في ساعة متأخرة من مساء يوم أمس الأول (الاثنين).
ونفى الخبر صحة ما أشيع عن تحويل المخلوع إلى المعتقل في وقت سابق، وأشار إلى أنه كان مُحتجزاً في منزلٍ آمن يتبع لجهاز الأمن والمخابرات الوطني بالخرطوم (2)، تحت حراسة قوة خاصة، وتم نقله وسط إجراءات أمنية مشددة، ووُضع في السجن، بمعزل عن بقية المعتقلين من قادة ورموز النظام السابق المسجونين هناك.
(1)
في ظل تعدد الروايات والتسريبات عن مصير المخلوع صار من غير الممكن القطع بصحة نقله لسجن كوبر إلا إذا نشرت له صور تثبت ذلك، هذا وفقاً لإفادة محمد الطاهر (24 عاما)، وأحد الثوار المعتصمين أمام القيادة العامة، ويستطرد محمد متحدثاً لـ(اليوم التالي) قائلاً: “ثرنا بكل هذه القوة من أجل الحقيقة، لأن المخلوع ظل يكذب علينا مذ ثلاثين عاماً، ولهذا نرى أن المجلس العسكري نفسه يثير على خطى المخلوع من خلال تعمده تضليل الرأي العام حول مصير المخلوع من خلال أكثر من تسريب نشرته الصحف ووكالات الأنباء أكدت فيه حقيقة نقله في وقت سابق لسكن كوبر، إلا أننا اليوم أكثر يقيناً من أنه خارج السجن، وإلا فليثبت لنا المجلس صحة زعمه بعرض المخلوع داخل زنزانته في السجن”.
ويرى محمد أن الشفافية مطلوبة في مثل هذه المرحلة، لأن السلطة ليست في يد المجلس العسكري حتى يحاول مداهنة الشارع بأخبار غير مؤكدة، ويضيف: “السلطة الآن هي في يد الشعب الذي انتزعها بقوته وبسالته من يد الدكتاتور الذي ظل لثلاثين عاماً يقول ما لا يفعل، وعلى المجلس أن يتنبه لذلك قبل أن يجد نفسه أمام وابل سخط الشارع الثائر”.
(2)
يختلف بابكر محمد بابكر وهو ضابط أمن متقاعد مع رؤية محمد الطاهر ومطالبته بالكشف فوراً عن مكان المخلوع ويقول لـ(اليوم التالي): “أعضاء المجلس العسكري يعون جيداً خطورة الكشف عن مكان الرئيس المخلوع في الوقت الراهن، لأنهم يعلمون أن التفكير في الوقت الراهن هو تفكير جمعي ثائر ومتحمس لأبعد الحدود، وكاره بشدة للرجل الذي حكم ثلاثين عاماً كلها كانت فشلا وخيبات وضياعا، ولهذا يعلم المجلس العسكري إن هو أعلن عن مكانه في الوقت الراهن لا يُستبعد أن يتحرك آلاف المعتصمين الآن أمام القيادة العامة للجيش على خطى رجل واحدة ويداهمون المكان المعتقل فيه وينتزعونه عنوة من بين سجانيه، وحتى لا يحدث ذلك فإن المجلس قد لا يكشف عن مكان معتقله على الأقل خلال الفترة القريبة المقبلة”.
هذا هو السيناريو الأول في عملية عدم الكشف عن مكان اعتقال المخلوع، أما السيناريو الآخر فهو تجنب ردة الفعل من جهات ترتبط بالمخلوع وتدعمه داخل وخارج السودان، وبالتأكيد بينها من لا يتورع في اقتحام المكان وتجريب محاولة تحريره مهما يكلفه الأمر بحسب إفادة بابكر الذي أضاف: “المجلس في الوقت الراهن هو في غنى عن نتيجة الاحتمال الأول والثاني وهو مشغول بقضايا أهم من مكان كشف المخلوع بكثير خاصة وأنه بكل تأكيد معتقل في مكان حصين داخل السودان وسوف يأتي الوقت الذي يُقدم فيه للمحاكمة العادلة”.
(3)
وبحسب بابكر فإن المجلس العسكري يجب أن يتنبه لأمر مهم وهو تقديم المخلوع للمحاكمة في أسرع وقت ممكن حتى لا تتناسل الشائعات ويزيد الاحتقان ومن ثم تأتي لحظة انفجاره في وجه المجلس الذي لا زال يتلمس خطواته باحثاً عن امتصاص غضب الشارع وهو عاد مجدداً للمواكب الهادرة القادمة من الولايات ومن داخل الخرطوم والاعتصامات المتزايدة في كل ولاية.
ولا يستبعد بابكر أن يكون هنالك احتمال ثالث بين يدي المجلس العسكري وتم بموجبه حجب مكان المخلوع عن العامة واكتفى فقط بالتسريبات التي أصبحت تتغير بين الفينة والأخرى وهو أمر متوقع وغير مستبعد نظراً للتقاطعات والأحلاف التي يرتبط بها الرجل الذي أدار البلاد بطريقة مزاجية غير مفهومة البتة.