ويرى مراقبون أن الإجراءات التي اتخذت بحق البشير تهدف إلى إيصال رسالة لشخصيات أخرى مقربة من حكمه مفادها أنهم ليسوا فوق القانون، كما تأتي المحاكمة في سياق خطوة يريد المجلس العسكري اتخاذها لإرضاء المحتجين من خلال تقديم البشير للعدالة.
وكان مصدر قضائي قد ذكر في وقت سابق السبت إن النائب العام بدأ التحقيق مع البشير بشأن اتهامات بقيامه بغسيل أموال وحيازة مبالغ ضخمة من العملات الأجنبية دون سند قانوني.
وقال المصدر أن قوة الاستخبارات العسكرية التي فتشت مسكن البشير عثرت على حقائب بها أكثر من 351 ألف دولار وستة ملايين يورو إضافة إلى خمسة ملايين جنيه سوداني.
وقال المصدر “وكيل النيابة الأعلى المكلف من المجلس العسكري بمكافحة الفساد أمر بالقبض على الرئيس السابق وباستجوابه عاجلا تمهيدا لتقديمه للمحاكمة”.
وأضاف المصدر “ستقوم النيابة باستجواب الرئيس السابق الموجود داخل سجن كوبر”. وأشار المصدر إلى أن استجواب البشير لم يتم بعد وأن اثنين من أشقائه اعتقلا أيضا بسبب مزاعم فساد.
من ناحية أخرى قال مصدر بحزب المؤتمر الوطني السوداني الذي يتزعمه البشير إن السلطات ألقت القبض على رئيس الحزب المكلف احمد هارون، والنائب الأول السابق لرئيس الجمهورية على عثمان محمد، ومساعد رئيس الجمهورية عوض الجاز، والأمين العام للحركة الاسلامية الزبير أحمد حسن ورئيس البرلمان الأسبق أحمد إبراهيم الطاهر.
نقل السلطة من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية.. مطلب الحراك الجماهيري
نقل السلطة من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية.. مطلب الحراك الجماهيري
وأضاف المصدر أن السلطات وضعت كلا من رئيس البرلمان ابراهيم أحمد عمر ومساعد رئيس الجمهورية الأسبق نافع على نافع رهن الإقامة الجبرية.
وأطاح الجيش بالبشير في 11 نيسان بعد أشهر من الاحتجاجات على حكمه وتم احتجازه في مقر إقامة رئاسي. والبشير مطلوب أيضا للمحكمة الجنائية الدولية بسبب مزاعم ارتكاب إبادة جماعية في منطقة دارفور غرب البلاد.
وقالت مصادر من عائلته في الآونة الأخيرة إنه نُقل إلى سجن كوبر مشدد الحراسة في الخرطوم.
ونجا البشير من العديد من حركات التمرد المسلحة والأزمات الاقتصادية ومحاولات من الغرب لفرض عزلة دولية عليه خلال حكمه الذي امتد 30 عاما قبل أن يطاح به في انقلاب عسكري.
وفي الاعتصام المقام أمام مقر وزارة الدفاع السودانية والذي بدأ في السادس من نيسان وقف محتجون بجوار صور للبشير تدعو المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته.
إلى ذلك أعلن قيادي في الحركة الاحتجاجية في السودان أنّ منظّمي الاحتجاجات اتّفقوا مساء السبت مع المجلس العسكري الذي تسلّم السلطة عقب إطاحته بالرئيس عمر البشير على “مواصلة اللقاءات” بين الطرفين للاتّفاق على حلّ تتسلّم بموجبه حكومة مدنية السلطة من الجيش.
وقال صدّيق يوسف، القيادي في “تحالف الحرية والتغيير” المنظّم للاحتجاجات “اتّفقنا على تواصل اللقاءات للوصول إلى حلّ يجد رضاء الطرفين، وذلك حتى يتمّ نقل السلطة وفق ترتيبات سلمية”.
وأضاف “أوضحنا مطلبنا الرئيسي وهو نقل السلطة من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية، وهو مطلب الحراك الجماهيري الذي استمر لأربعة أشهر ومطلب الاعتصام القائم الآن أمام القيادة العامة” للقوات المسلحة في الخرطوم.
وتمّ التوصّل إلى هذا الاتفاق خلال اجتماع عقد مساء السبت بين المجلس العسكري وخمسة من قيادات التحالف تمحور حول “انتقال السلطة”.
ولم يوضح يوسف ما إذا كان هذا الاتفاق يعني أنّ منظّمي الاحتجاجات أرجؤوا خطوتهم الأحادية الجانب التي كانت مقرّرة الأحد والقاضية بتشكيل هيئة مدنيّة لحكم البلاد.
اقرأ أيضا:
سودان جديد دون عسكر وإسلاميين
وكان قادة الاحتجاجات قالوا الجمعة إنّهم سيعلنون الأحد عن تشكيلة هيئة مدنيّة لحكم البلاد تضمّ في عدادها ممثّلين عن العسكر.
ومنذ أطاح الجيش بالبشير في 11 أبريل، يحكم البلاد مجلس عسكري مؤلف من عشرة ضباط. إلاّ أنّ المتظاهرين الذين يعتصمون أمام مقرّ الجيش في وسط الخرطوم يطالبون المجلس بتسليم السلطة بسرعة إلى مجلس مدني.
والسبت حذّر قيادي في “تجمّع المهنيين السودانيين” الذي أشعل شرارة الاحتجاجات ضد نظام البشير في ديسمبر، أنّه إذا رفض المجلس العسكري خلال اجتماعه بممثلي المحتجين تسليم السلطة فسيواصل قادة الاحتجاجات خطتهم بإعلان “مجلس مدني سيادي” الأحد.
وقال أحمد ربيع “إذا كان المجلس عنده رغبة في التفاوض، في هذه الحالة يمكن أن يتم تأجيل إعلان الغد”.
وأضاف “نحن نطلب من المجلس العسكري أن يحدّد لنا سقوفاً زمنية حتى لا تطول الأمور”، مذكّراً بأنّه منذ الإطاحة بالبشير أجرى المجلس العسكري جولتين من المحادثات مع قادة الاحتجاجات.